الثقافية

عبد الحق بوعمر: سفير المسرح المغربي والحكواتي المبدع

بقلم: رشيد فناسي

من قلب جبال الأطلس الشامخة، ومن بين أزقة مدينة تازة العريقة، وُلد الفنان الكبير عبد الحق بوعمر، الذي يُعدّ رمزًا من رموز المسرح المغربي وسفيرًا له، لا سيما على المستوى المحلي في مدينة تازة. هذا الفنان المتألق هو حكواتي من الطراز الأول، استطاع عبر مسيرته الحافلة أن يُثري المشهد الفني المغربي من خلال إبداعه وروحه التواقة إلى الابتكار.

عبد الحق بوعمر ليس مجرد فنان عادي، بل هو رمز للعطاء والإبداع المتواصل. منذ بداياته، اعتمد على الجد والاجتهاد لتقديم أعمال فنية أصيلة تستند إلى الابتكار والتفاني. لم يكن طريقه مفروشًا بالورود، لكنه بفضل إرادته الصلبة وشغفه اللامحدود استطاع أن يصبح من أبرز الفنانين في مجال المسرح والسينما بالمغرب.

شارك الفنان عبد الحق بوعمر في العديد من الملتقيات الوطنية والدولية، وترك بصمته في كل مكان حطّ فيه الرحال. كما ساهم في تأسيس عدة جمعيات ثقافية وفنية في مدينة تازة ومدن مغربية أخرى، ليُنقل شغفه إلى الأجيال القادمة.

فرغم ارتباطه العميق بمسقط رأسه تازة، قرر عبد الحق بوعمر الانتقال إلى مدينة طنجة، حيث أطلق مرحلة جديدة من مسيرته الفنية. في هذه المدينة التي تجمع بين الأصالة والتاريخ، تعاون مع مجموعة من المبدعين والمفكرين الذين أسهموا في تطوير رؤيته الفنية وجعلها أكثر تنوعًا وثراءً.

يملك عبد الحق بوعمر سجلًّا حافلًا من الأعمال المسرحية والسينمائية التي ستظل راسخة في ذاكرة الجمهور. من بين أبرز أعماله المسرحية: “سالف لونجا”، “تراجيديا السيف الخشبي”، “على باب الوزير”، “قاضي القضاة”، “ليالي المتنبي”، “عرس الأطلس”، “قوس قزح”، و*”شطحات شيطانية”*. وفي السينما، برع في أدوار متميزة ضمن أعمال مغربية ودولية، أبرزها مشاركته في المسلسل التاريخي “ربيع قرطبة” للمخرج الراحل حاتم علي، وأعمال مغربية لمخرجات مثل فريدة بورقية.

وتميزت المسيرة الفنية للفنان عبد الحق بوعمر بتجسيده أدوارًا تحمل قيمة تاريخية وحضارية، مثل مشاركته في العمل التاريخي “أحبك يا وطني”، الذي يروي قصصًا من تاريخ المغرب العريق الممتد لأكثر من اثني عشر قرنًا. بأسلوبه الحكائي الفريد، نقل عبق التاريخ وروعة الحضارة المغربية إلى الجمهور، ليبقى رمزًا للفن الهادف والنقي.

المسرحي عبد الحق بوعمر ليس مجرد فنان بل هو مدرسة في الإبداع والعطاء. استطاع أن يمزج بين التراث المغربي والحداثة الفنية، ليُقدّم أعمالًا خالدة تسكن ذاكرة المغاربة. إنه مثال حي للفنان الذي يؤمن برسالة الفن ويُكرّس حياته لخدمة قضايا مجتمعه وثقافته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى