تعد منطقة رأس الماء بجماعة باب بودير، بوابة تازة لسلسلة الأطلس المتوسط، وبداية محمية تازكا، متنفس التازيين هروبا من حر مدينة تازة، فهي بمثابة وجهة مثالية لعشاق السياحة الجبلية، ومستقر مريح للباحثين عن التأمل والاسترخاء، حيث تجمع ما بين الجمال والهدوء، وصفاء المياه.
فعلى بعد حوالي 12 كيلومتر من مدينة تازة جنوبا، وبنهاية جبال الأطلس المتوسط، تقع منطقة شلالات رأس الماء بجماعة باب بودير، والتي تعد بوابة “منتزه تازكا” الوطني أحد أكبر المنتزهات الوطنية.
تعتبر منطقة رأس الماء الملاذ الوحيد لسكان مدينة تازة للاستجمام، بحثا عن نسمات هوائها النقي البارد، حيث يقصدونه للاسترخاء وقضاء أوقات ممتعة وسط طبيعة خلابة، والتنزه بين وديان وبساتين المنطقة.
واكتسبت منطقة رأس الماء شهرة وطنية، حيث تشهد على امتداد السنة زيارات عائلية من مختلف مدن المغرب، خصوصا بفصلي الربيع والصيف، وتشكل بالنسبة لهم مجالا لاقتناص فرصة الاستمتاع بهوائها المنعش البارد.
شلال رأس الماء بجماعة باب بودير، هو بداية لمسار سياحي طبيعي متنوع يمتد لأزيد من 100 كيلومتر، فما أن يكمل الزائر مساره جنوبا حتى يستقبله مركز الاصطياف باب بودير ومخيم أدمام (30 كلم جنوب تازة) والذي يعج صيفا بالمخيمات التي تستقبل الأطفال والأسر في أجواء ساحرة، ثم غير بعيد مغارة فريواطو الشهيرة، ومنتزه تازكا بجباله ومنطقته المحمية التي تتواجد بها قطعان من غزلان الأروى وأنواع من ماعز الجبل ووديان وشلالات، قبل الوصول لقرية وغابات بوشفاعة الجبلية ثم منطقة وادي أمليل.
شلال رأس الماء يشكل مع منتزه تازكا الذي يبلغ علوه 1980 متر، معلمة سياحية ومحمية وطنية مغربية تشتمل على أزيد من 154 موقع بيولوجي وإيكولوجي، كما يبلغ صبيب تدفق المياه السطحية بعين رأس الماء 270 لتر / ثانية، وهي أكبر العيون في المنطقة تليها عين أدمام بصبيب 90 لتر / ثانية، وهي واحدة من أكثر المناطق رطوبة في المغرب في محيط جاف، كما تصفها كتب الجغرافيا، حيث أنها قريبة من حوض ملوية القاحل في الشرق وسهل سايس شبه الجاف في الغرب.
ولعل ذلك ما جعل المنطقة تتمتع بموارد كبيرة من المياه السطحية بفضل ظروفها الطوبوغرافية والمناخية والجيولوجية، وإن كانت احتياطاتها من المياه الجوفية متواضعة إلى حد كبير بالنظر إلى هيمنة التكوينات الجيولوجية غير المنضبطة.
وهو ما جعل شلال رأس الماء، يتميز بهوائه الجبلي الصحي ومياهه العذبة الشديدة البرودة على طول السنة، إلى جانب الأشجار المثمرة المتنوعة (الكرز واللوز والزيتون والتين والبرقوق التي تعتبر مورد رزق للساكنة حيث يتم عرضها على طول جنبات الطريق الوطنية رقم 29، وبالقرب من العين المائية) وكذا بعض الأشجار المعمرة.
فمنذ حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة التي تميز صيف مدينة تازة، يصبح شلال رأس الماء قبلة الزوار الباحثين عن أجواء ملطفة هروبا من قيظ المدينة، كما تصبح قبلة للسياح من مدن أخرى وللجالية المغربية. فعلى بعد ست كيلومترات تبدأ باستقبالك حشود المواطنين الذين يفضل البعض منهم ركن سيارته بالطريق واستغلال نسيم الهواء البارد للمشي وممارسة الرياضة صعودا، والاستماع لخرير المياه الممتد على مسافة ثلاث كيلومترات من الشلال المتدفق من أعالي عين رأس الماء، والتلذذ بالفواكه المعروضة على طول الطريق.
محمد العلام، من هواة التصوير الفوتوغرافي، صرح للجريدة، أن منطقة رأس الماء هي منطقة خلابة تغري الزائر بمناظرها الطبيعية، حيث تشكل امتداد لحزام سياحي طبيعي يشمل رأس الماء –مغارة فريواطو –مخيم باب بودير وأدمام وسط منتزه تازكا، يتميز بوجود ينبوع غزير للمياه يشكل تدفقه على مسافات طويلة شلالات رائعة الجمال، وترسم لنا صورة جميلة من خلال لوحة متكاملة تجمع بين الماء والخضرة عازفة لحنا جميلا.
منطقة رأس الماء، تظل وجهة مفضلة لأبناء تازة المقيمين بالخارج، والذين يفضلون قضاء أوقات رائعة رفقة العائلة والأصدقاء من خلال بعض الأكلات التي تميز المنطقة والتي من بينها ما يصطلح عليه بالعامية (خبزة ولبزة)، وصيكوك، وطاجين لحم المعز، إلى غيرها من الأطباق التي تجتمع حولها العائلة للاستمتاع بجو الشلال، وفي هذا الصدد، قال فؤاد من أبناء الجالية التازية بالديار الاسبانية، قدمنا من مدينة تازة، هربا من الحرارة المفرطة، وذلك للاستمتاع والتبرد بالسباحة بهذه المياه الباردة، حيث الهدوء والراحة، والاستمتاع بهذه المناظر الخلابة الجميلة رفقة العائلة، ولا يحلو صيف تازة إلا بزيارة رأس الماء التي تظل المنطقة المفضلة لدى عموم التازيين لجمالية المنطقة.
ولئن كانت منطقة رأس الماء التابعة لتراب جماعة باب بودير تزخر بمؤهلات طبيعية هائلة ومتنوعة، لكنها تظل بحاجة إلى مزيد من أشغال التهيئة لتصبح منطقة جذب سياحي بامتياز، خصوصا وأنها تعد بوابة الولوج لواحدة من أهم مناطق السياحة الجبلية في المغرب.
الصورة : محمد العلام